قد لا تصدق أيٌ من ما يرد في هذة القصة من غرائب هذا كله يعود إليك، إليك وحدك...
في ليلة الخسوف كما يروي والده ، خرج الى الدنيا و ملأ خبر ولادته البيت سعادة و بهجة إلا والده ، كان يتمعن في منظره ليجد بياض ناصع في اطراف اصابعه وكانها تشع نوراً ، و اتساع محجر عينه بخلاف اخوته ، ذهبت به الافكار بعيداً حيث تذكر قول جارته الغجرية في القرية قبل انتقالهم للمدينة عن اساطير تروى حول القمر ومنازله و ما يعترضه من خسوف وغيره اختار له اسم نيروز ، كان قد سمع بهذا الاسم في احدى الروايات القديمة حول القديسين و ظلمة الكنيسة .
كان والد نيروز يخبئ امرًا في داخله و هو الذي ينظر الى أبنه وكأنه ينتظر شيئا لكن خاب أمله لم يحدث شيء غير اعتيادي لعشرون سنه.
نيروز، فتى من عائلة عريقة وأسرة ميسورة. طويل القامة رياضي الجسم مفرود الصدر وعزيز الخلق والخلقه قلباً وقالباً .كان يعيش لفترة طويلة خارج وطنه وعاد الى القاهرة عام 1994 ليلتحق بالجامعة ويعيش وحيداً بعيد عن أهله في غربتهم. كان له شغف مطرد بكل العلوم بشكل عام ولكنه لم يتمكن يوما من أن يلقي عن نفسه ذلك التعلق الهوسي بعلوم ما وراء الطبيعة والغيبيات. في تلك الفترة لم يكن الانترنت متاحًا ليبحث في تلك الامور ويخرج من جحر أرنب ليقع في آخر كما هو الحال الآن. كان يعتمد حينها على سور الأزبكية فقط وهو مكان تزدحم فيه حوانيت الكتب القديمة والمستعملة. كان الوراقون يعرفون نيروز ويدركون ما يشده في كتبهم فيعرضون عليه من كتب الجن والماورائيات التي تمر عليهم. وهو لم يكن ليشتري أيًا منها بدون تنقيح لأنه يعرف حقوق ربه عليه ولا يشرك به شيئا برغم حومه حول حمى السحر والسحرة. في يوم من أيام سنة 1997 التفت نيروز منتبهاً لنداء أحد الوراقين وعيناه تقول قبل لسانه تعال لترا ما الذي وجدته لك وأردف قائلاً توفي رجل من أحد القرى وترك مكتبة تزخر بما أعتقد أنه يهمك.
يقول نيروز فتبعت الرجل بكل فضول لأرى أمام حانوته كومة من الكتب العتيقة ولكن الخيبة الأولى خيمت علي حين أدركت أثناء تقليبها بأن أغلب تلك الكتب هي طبعات قديمه من كتب أمتلكها بالفعل. ولكن بعد برهة وقعت عيناي على مجلد ضخم ذو لون أزرق بجلد رث تنبعث منه رائحة أحببتها ولكن لا يمكنني وصفها أو تشبيهها. التقطته بذلك الشغف الذي انبعث من تحت رماد تلك الخيبة.و لفت إنتباهي اثناء فتح ذلك الكتاب عدم وجود اسم الناشر ولم يكن هناك ما يشير إلى من كتبه مجرد مخطوطة لا تبدو قديمة جداً فهي مكتوبة بقلم عادي كان ذلك الكتاب يبدو لي كنسخة شخصية أو مسودة لم تكن للبيع. أقتنيت ذلك المجلد وأخذت معه بعض الكتب الأخرى التي كانت تنقص مكتبتي. وذهبت الى منزلي كانت الساعة حينها السابعة والنصف أو الثامنة مساءً وجلست لأتصفح تلك المخطوطة وأقراء منها. كانت عادتي أن أقراء الى قبيل منتصف الليل فأنام لأستيقض لصلاة الفجر وبعدها أذهب الى النادي الرياضي هرولة ومن ثم أعود لأتناول الافطار وأستحم استعداداً للجامعة. جلست في تلك الليلة أقراء ذلك الكتاب لأجد أنه يستحق الاهتمام فعلا كان يتحدث عن عوالم الجن والارواح بأسلوب متزن غير مبالغ فيه وغير محقر لعقلي ولاحظت شياء غريباً في ذلك الكتاب، أجد في أسفل بعض الصفحات كلمات لا أجد لها معنى ويتبعها بعض الأرقام لأجد نفسي أكرر ذلك الرقم بعد قراءة الكلمات فأكمل القراءة غير مكترث. حتى لاحظت أن هناك نمطًا لتلك الكلمات والارقام بعد كل بضع صفحات. أغلقت الكتاب قرب الساعة الحادية عشراً لأنام. وفي الصباح خرجت ذاهباً الى النادي كعادتي ولأول مرة يسترعي انتباهي قطة سوداء تقف أمام المبنى كانت تحدق الي بغرابة تركتها لأمضي في طريقي وقرب وصولي الى النادي وجدت أخرى سوداء أيضا تعجبت في داخلي وأكملت الى النادي وعند عودتي ما أن وصلت الى منزلي لأجد قطة أخرى تنظر إلي من فوق أحد السيارات وكانت سيارتي تحديدًا وأنا أتسأل أهي هي نفسها؟. أكملت روتيني الصباحي وذهبت الى الجامعة كالعادة ومضى اليوم بشكل طبيعي الى حد ما، بعد الانصراف التقيت اعز أصدقائي، محمد، وجلسنا في أحد المقاهي حتى الساعة الثامنة مساء لأعود قافلا الى المنزل. جلست وبيدي ذلك الكتاب وبشوق نهم بدأت أقراء. بعد بضعة أبواب كان التلفاز يعرض فيلمًا تشويقيا سرق انتباهي لأضع الكتاب جانبًا وأتابع، شعرت حينها بشيء من عطش وهممت لأقوم فأشرب لكن تتابع الاحداث في ذلك الفيلم أقعدني برغم ما اشعر به من عطش. وبعد انتهاء ذلك المشهد الذي اقعدني اي بعد عشر دقائق تقريبا عزمت على القيام من الكرسي لآخذ شيئا من الماء لكن انتبهت الى شيء غريب، كان بجواري كأس من الماء ممتلئ اذهلني ذلك وغصت في حيرة من امري أأنا الذي قمت في خضم المشاهد واتيت به؟ ام اني اتيت به قبل جلوسي؟ ام انه كان هنا قبل دخولي؟ ممدت يدي الى الماء لأروي ضمأي واعدت الكأس ليقاطع تلك الحيرة ذلك الفيلم مرة أخرى وانساق تركيزي كله للتلفاز. بعد بضع دقائق أو ربع ساعة سمعت صوت الهاتف لأجد محمد على الهاتف. جلست على كرسي صغير بجانب الهاتف وأمامي طاولة صغيرة من الخشب وانجرفنا انا ومحمد نتحدث عن موضوع أهمه كثيرا وأتعبني التفكير والنقاش فيه ومضت ساعة من الزمن وحين أعياني النقاش.
قلت له: اسمعني يا صديقي دعني أعد لي قدح من شاي وأكمل معك الحديث.
قال : اصبر، دقيقة واحدة من فضلك لن أطيل عليك دعني أوضح لك نقطة واحدة.
وانجرفنا مجددًا في الحديث لربع ساعة أخرى. انتهت المكالمة وجلست قليلا افكر في حديثنا وهممت بالقيام لأكمل ذلك الفيلم ولكن لاحظت شيئا آخر على تلك الطاولة الخشبية الصغيرة كان قدحًا من الشاي الساخن أمامي!! وعدت الى تلك الحيرة القديمة هل أنا الذي صنعت الشاي؟ اما أني نسيت؟ مالذي يحدث هنا؟ لم أكترث كثيرا فإن من نعم الحياة على البشر قدرتهم على النسيان او التناسي او حتى مجرد القدرة على التجاهل. نعم إن عدم كمال العقل البشري هو نعمة فكيف ستكون حياتك لو كنت تذكر كل شيئ مثل الكومبيوتر بالضبط كما حدث مع كل المشاعر المرتبطة وكل التسلسلات والنتائج والاحداث؟ لم تكن لتنعم بنوم هانئ ولو لليلة واحدة. على كلٍ قمت من على ذلك الكرسي ومرة أخرى انزلقت في استهلاك ذلك الفيلم حتى الساعة الحادية عشرا ليغلبني النعاس الى النوم لأستيقض اليوم التالي وابداء روتيني الصباحي لكن يبدو أن هنالك شيءٌ ما طراء على ذلك الروتين الذي ارتحت له سنينا يبدوا أن هذه القطه ستسجل تواجدها في خروحي ودخولي الى المنزل. ابتسمت في داخلي وانا أهرول من سخافة تلك الفكرة برغم ما أجد فيها من لطف فأنا عموما أحب الحيوانات كلها. بعد ذلك وفي الجامعة التقيت بمحمد في مطعم الجامعة وجلسنا نرتشف القهوة ونتجاذب تلك الاحاديث الرائقة التي لا تنتهي. كانت تنتشر بعض المجموعات من الطلبة على موائدهم من حولنا حين أشار محمد الى أحد الشباب في طاولة أمامنا قائلا صاحبك هو أيضا هنا فرمقته بنظرة وأردفت ﻻ تقل بأنه صاحبي. قال محمد أتعلم أنه بالامس تطاول على أحد الزملاء وتعدى عليه الى أنه وصل به الأمر أن صفعه على وجهه؟ لقد طغى كثيرا و غره منصب أبوه هنا، إن الظلم بهذه الطريقة ذا عواقب وخيمة. فرددت عليه منفعلا أوَ قد كان ذاك؟ هل مد يده الى وجهه؟
محمد بعد أن رفع رأسه ضجر ونظر الى عيني قائلا : نعم هذا ما حدث
تنهدت قائلا آه لو كنت أنا مكان زميلك قسماً لأكسرن يده. أردف محمد قائلا اسأل الله العافية وﻻ تتمنى لقاء العدو. فجأةً اذ برجفة تقطع كلام محمد لنرى ذلك الشاب ملقاً على ظهرة وصوت صراخه يدوي في قاعة الطعام ونسمع كلام مبعثرا من حوله بأنه قد استطير من مقعده ليقع على ظهره ويده من خلفه اقتربنا لنرى المشهد صعقنا من هول المنظر بعد ان سحب يده من وراء ظهره لنراها قد انكسرت من النصف في منظر بشع ﻻ أقوى على وصفه. رمقني حينها محمد بنظرة وابتسامة فيها سخرية بعد أن رفع نظره من الشاب وقال يبدو ان لك كرامة من الله ياموﻻنا. نظرت اليه لبرهة والحيرة تبدو علي وفي لحظة جرت في رأسي كل تلك الاحداث الغريبة القطة، الشاي والماء. هل أنا أتنبأ بالاحداث أم انها عشوائية الصدفة، لابد من أن هناك شيء غريب يحدث معي و لم يخطر بالي شيء من الماورائيات أبدا.
عدنا أنا وصديقي كل إلى منزله وكعادتي رجعت الى صديقي الغامض ذلك الكتاب الأزرق وأكملت السبر في أغواره ولكن ﻻحظت هذه المرة اسم بداء يظهر في طياته على لسان الكاتب ويتكرر في الكلام عنه وعن أخباره. كان يتحدث عن سحاب وصفاتها وأخبارها وأنها ملكة من ملوك الجن السماوي وبأنها تحضر للشخص لتفتح عيناه على الحقائق والعلوم والكثير من الصفات التي كانت ﻻ تزيد بالنسبة لي حينها عن أن تكون مثيرة للاهتمام. وبعد ذلك بقليل هممت أن أقوم لأحضّر قدحاً من الشاي قمت من مجلسي في غرفتي متجهاً الى المطبخ وأعددت الشاي وفي طريقي عائداً الى الغرفة التي كانت مجرد مكتب يعلوه طوابق الارفف من الكتب وفي مقابل الباب نافذة بإطلالة أحبها وتحتها سريري الوثير وأنا أدلف الى الغرفة وجدت جسداً أمامي والنافذة من خلفه كان جسد أنثى لم يكن خيالاً أو وهم بل كانت سيدة تقف هناك وقفة العزيز ﻻ الدخيل وتنظر إلي نظرة العطوف لا المعتدي كانت جميلة جدًا ليس جمالاً معتادًا وﻻ جمال صارخ كان جمال بأنفه وتلفه الهيبة لا تملك الا أن تضيع في دوامة من المشاعر المختلطة المتضادة في حضرته. كانت ملامحها واضحة جداً بشعر أسود طويل مثل خيوط الليل على البحر وهو يعكس تلألؤ النجوم وعينان جميلتين تشعر بأنك تغوص في جمالهما أكثر كلما نظرت أكثر تعلوان وجنتان بيضاوان نقيتان ويتوسطهما كرزتين من فوقها أنف صغير مدبب كان ذلك الوجه الجميل يتوج جسداً لأنثى كاملة النضج لم تكن بشراً أبداً ولكن لم ألبث في غمرة الذهول تلك طويلا عاجلني عقلي برعب يزلزل جسدي تسمرت في مكاني وأنا أننظر إليها وبدت ملامح الذعر في عيني فابتسمت برقة وشيئا فشيئاً اقتربت ومشت وكأنها تطفو قائلةً لا تخف بصوت هادئ حنون والتفت من خلفي ومالت برأسها عند كتفي الأيمن مكررة لا تخف فلن أؤذيك أبداً استجمعت قواي ووضعت قدح الشاي على الطاولة والصراخ يتدافع داخلي فثرت متسائلاً ولكن بصوت ضئيل : من أنتِ؟ وكيف دخلتِ الى هنا؟ ومن الذي أذن لك؟
تبسمت بهدوء قائلةً أنا سحاب لمعت بعقلي ذكرى ذلك الاسم نعم إنها سحاب التي كنت أقراء عنها في ذلك الكتاب. رفعت رأسي بنظرة حادة الى عينيها متسائلا من سحاب؟ تبسمت بنفس الهدوء الذي بداء يهزمني قائلةً أنا سحاب طلبتني وجئت إليك كما طلبت. هززت رأسي مستنكراً ولكني لم أطلب أحداً. فاقتربت مني قليلا قائلةً ﻻ بل طلبتني من الكتاب. هنا فقط أدركت أن تلك الكلمات والأرقام التي كنت أقراءها كانت طلسم تحضير في الحقيقة. في تلك اللحظة الرهيبة تزاحمت كل الأفكار السوداوية ومشاعر التيه والارتباك داخلي. رفعت رأسي لأراها تشير إلي بيدها مطمأنة لي وتهمس بكل رقة لا تخف فأنا معك منذ البداية ولكن لم تفهم أنت كل إشاراتي فوجب علي أن أتجسد لك لتراني . أردفت متسائلا عن أي إشارات تتحدثين؟ قالت أما تساألت عن كأس الماء أو قدح الشاي؟ ألم تتعجب من صاحبك الذي كُسر هل نسيت القطة التي كانت تتبعك؟. كانت تهمس بصوت حريري خافت كنت أتسأل كيف لي أن أسمعها أنا. في خضم التساؤﻻت الكثيرة بدأت ألملم أفكاري و أدركت تلك الإشارات كلها فنظرت الى عينيها بكل ثقة وسألتها بجدية حسناً إذن فما الذي تريدنه مني؟ أجابتني بهدوء ويلمع في عينيها شيء لم أستطع فهمه وقالت لست أنا من يريد شيئاً هنا، أنت الذي تريد. تريد أن تعرف أكثر أليس كذلك؟ فنظرت اليها نظرة المتسائل فأردفت قائلة اجلس فجلست على طرف سريري وضلت هي واقفة أمامي كانت طويلة أو بالأحرى كانت في نفس طولي بعد جلوسي سألتني ألا تود أن تعرف أكثر ألم تكن دائماً نهماً لعلم أكثر؟ ألم تسأم من كتب سور الأزبكية وعلومهم المكررة؟ هنا علمت أنها علمت بنقطة ضعفي أجبت بلا تردد: بلا أود أن أتعلم. ردت قائلة حسناً أنا سأعلمك فسارعت متسائلا ولكن كيف؟ فأجابتني بكل ثقة لا تأبه بكيف دع ذلك لي سأعلمك بكل شيء ولكن ليس الان دع هذا معك دائما وحين تحتاج الي ستجدني دائماً بالقرب منك. ومشت من خلفي الى باب الغرفة ولما التفت لأرى أين تذهب لم أجدها لأشعر بريح بارد يدخل من نافذة الغرفة فقمت لأغلقها وأنا أتسأل ما الذي أدعه معي دائماً؟ وذهبت الى سريري لأضجع وأنا أقنع نفسي أن ذلك لم يكن سوى حلم غريب ولكن هذا قدح الشاي لم أشربه بل وﻻزال ساخنا وأنا في تيه التسؤﻻت لمحت على طرف سريري شيئا غريبا فالتقطته لأجد أنه خاتما كبير غريب الشكل وتذكرت كلامها حين قالت دع هذا معك. وضعت الخاتم جانباً وغصت في أفكار متضادة وتساؤلات مربكة هل أكمل في هذا الطريق أم أحجم؟ هل هو حلال أم حرام؟ هل سأنجو أم أهلك نفسي؟ أأتشجع أم أتراجع؟ في النهاية قررت أن أكمل في هذا الطريق وأن أعالج وعورته وخطورته وأسبر غواره في سبيل أن أعرف أكثر ولكن بشرط واحد لن أتخلى عنه ولو كان مقابل حياتي لن أبيع ديني أبداً ولن أفسد عقيدتي. في اليوم التالي ذهبت الى الجامعة والخاتم في يدي وقابلت هناك محمد الذي سرعان ما أثار استغرابه الخاتم فأشار اليه قائلا ما هذا؟ فأجبته أنه مجرد خاتم فرد قائلا ولكن شكله غريب ومع ذلك يبدو جميلا على اصبعك دعني أجربه على يدي. فخلعت الخاتم وانا اناوله الخاتم قائلا تفضل. ما لبث أن أدخل إصبعه الا صرخ قائلا ما هذا؟! وخلع الخاتم ليلقيه أرضا فقلت ماذا جرى لك؟! قال انظر الى يدي قد جرحها ذلك الخاتم الرديء كيف تلبسه انت؟ حين نظرت الى اصبعه وانا التقط الخاتم من الارض لم تكن مجروحة بل كان حرقاً وضعت الخاتم في اصبعي وانا اقول بكل ثقة مجرد خاتم ولكن يبدو أنك لم تتعود على هذا النوع من الخواتم عموماً دعنا نكمل أعمالنا في الجامعة ومضينا إليها. في المساء عدت الى منزلي أكلت ما قسمه الله وجلست في مجلسي المعتاد كنت في الحقيقة أترقب ظهورها أو مرور منها حتى أصبحت الساعة الحادية عشر ولم تأت خاب أملي قليلا أو اني استرحت لأن يكون كل ذلك مجرد أوهام عابرة. أثناء جلوسي تذكرت ذلك الخاتم لأني قد وضعته جانباً عند دخولي فأخذت الخاتم لأضعه وقلت سحاب... سحاب أود أن أراك. بعدها ببضع دقائق شعرت بريح باردة دخلت الى المنزل لأراها تدخل الى مكان جلوسي من غرفة نومي قائلة في تلك الطلة البهية : أهلاً كيف حالك يا نيروز؟ فأجبت بخير والحمد لله باغتتني بسؤالها : هل أنت جاهز؟ تسرعت في الاجابة وأنا أبدي ثقة مصطنعة : بالطبع جاهز.
فقالت بحماسة أحببتها إذن تعال الى هنا فقمت أمشي مشية الواثق غير المتعجرف وتوقفت أمامها متسائلا كيف سنذهب ؟ قالت وهي تشير بإصبعها: قبل أن نذهب لا تعطي هذا الخاتم أحداً مرة أخرى حتى لا يتأذى. فهمت حينها أن هذه طريقة التواصل بيننا سألتها مجدداً حسناً ولكن كيف سنذهب؟ رمشت بتلك الناعستين وقالت بصوت شقي وابتسامة خافته: هكذا!. وغطت عيناي بكفها برهة ورفعتها ونا أن رفعتها حتى أحسست بهواء ساخن وفتحت عيناي لأجد نفسي في صحراء شاسعة محاطة بجبال على يميني لها ثلاث قمم ومن على شمالي كانت هناك جبال متفرقه وكنت أقف على قمة تل صغير على سفح جبل ممتد على مرمى البصر كانت الريح جافة ساخنة وتسطع الشمس في سماء صافية وكانت هي على يمناي سألتها وأن مقضب الحاجبين علّي أتقي سطوة الشمس: كيف جئتُ أنا الى هنا؟ ردت: لا تسأل عن ذلك الآن. فأردفت سائلا : إذن أين نحن؟ فابتسمت ناظرة الي وقالت: أنت في مدينة من مدن الجن!! فنظرت إليها بإستغراب وقليلاً من الذعر فأجابت عيني قائلة: الست تريد أن تعرف أكثر ألست تريد أن تتعلم؟ فهززت رأسي قائلا : نعم أنا كذلك فعلميني. فقالت وهي تشير باصبعها علي والى المدينة : أنت من القلائل جداً الذين يدخلون هنا بسلام ويخرجون بسلام. هززت رأسي مستفهماً فأكملت القليل جداً من البشر من يدخل هنا يدخلون بإذن ولا يخرجون إلا بإذن. سألتها: أليست هذه مدينة من مدنكم على حد تعبيرك فهزت رأسه بنعم فاستطردت بسؤالي أين هم إذن الجن؟ لا أرى أحدا تبدو لي كصحراء عادية في الحقيقة وليست مدينة! فأجابت بإبتسامة خفيفة وعينين ناعستين يرياني إجابتها قبل ان تنطق بهما قائلةً: إهدَء كل شيء ستراه في وقته ثم وضعت يدها على كتفي الأيمن فكأني بدأت أرى ما حجب عني بدأت أرى بعض الخيام والمساكن كأنما ينقشع عنها التراب لتتشكل أمامي وكنت أرى أناساً أم أنهم أشباه أناس رأيت الكثير من الكلاب والذئاب الضخمة والثعابين الكبيرة التي تزحف بين الناس وبعض الجمال الغريبة جلست هي بجانبي على ما يشبه كرسي من المرمر وأشارت إلي أن اجلس بجانبي فجلست. قالت أترى ذلك قلت نعم قالت هذا الجن الطيار ثم أشارت إلى غيرهم فقالت أتراى أولائك؟ قلت نعم قالت أوﻻئك البناؤون الترابيون وبدأت تسرد لي الكثير و الكثير من العلوم وفاضت مني الكثير من الأسئلة عن عالمهم وهي تصب علي الكثير من علومهم صباً وأنا أسأل وهي تجيب كنا كذلك ما يقرب الإثنى عشر ساعة علمتي فيها النطق الصحيح لكثير من أسمائهم وطرق تحضير بعضهم من الشياطين وطرق صرف بعض أنواعهم وعلمتني الكثير ولكنها ختمت ذلك كله بتذكيري بشرطها الاساسي الذي اشترطته علي في البداية أن أتعلم ولا أُعلم أحداً وقالت إن هذا فتنة ولو افتتنت فقدت نفسك احذر لا تخف ولكن احذر حذرا شديداً فقد أُعطيت الإذن لتتعلم ولكن لو علمت أحداً فستكون عاصياً لنا ولن يتركوك حينها أبداً.
https://docs.google.com/document/u/0/d/1jtCXL_hvVXLMOPUHBhdsDZeb3rkLgaihhYRxJWQn5AE/mobilebasic